مقالات


الثلاثاء - 04 فبراير 2020 - الساعة 10:43 م

الكاتب: أ. فيصل الصوفي - ارشيف الكاتب


جيش الإخوان


بفضل وقوف الإخوان المسلمين أو حزب الإصلاح إلى جانب الرئيس هادي أصبح هو، وعبد الملك الحوثي في مستوى واحد في المسيدة مع فارق نوعي في القياس.. عبد الملك سيد الهاشميين وهادي سيد المدرسين.

أما ترون كيف لعب الإخوان بالرئيس وهزموا جيشه نفسياً؟ فقد أصبحنا وكأننا في أعياد يومية لتكريم المعلمين الإصلاحيين تكريماً لا مثيل له.. معلم مادة الرياضيات الإصلاحي يُعيَّن قائد عمليات لواء برتبة عقيد، ومعلم تربية إسلامية يتحوَّل فجأة إلى قائد قطاع عسكري برتبة عقيد، والموجِّه التربوي بمكتب التربية والتعليم تحوَّل إلى عميد ركن، حتى إن بعض المعلمين والخطباء المشمولة أسماؤهم في قوائم الإرهاب الدولية والإقليمية مُنحوا قرارات ترقية عسكرية إلى رُتب مقدم وعقيد وعميد ولواء، وكُلفوا بقيادة قطاعات ومحاور في الجبهات.. وهكذا، صار الجزء الأكبر من الجيش الوطني مجموعة من معلمي الدين والرياضيات والفيزياء واللغة العربية، والكيمياء والدعاة والإرهابيين وأرباب السوابق، وقليل من الصيدلانيين.. وبعد هذه التدابير المهينة التي تلقاها رجال الجيش الحقيقيون، يقول لك: اليمن تنتصر، أو نريد ننتصر على ميليشيا الحوثي الانقلابية في ميادين الوغى.

بسبب تلك التدابير التي وقف خلفها حلفاء هادي أو من يظنهم حلفاءه، سُلبت منهم نهم بسهولة ازدراد لقمة عصيد بالحلبة، وزادوا تركوا لعبد الملك الحوثي وعصابته أسلحة وآليات من كل صنف وحجم، تكفي لمواصلة القتال سنة على الأقل، وكأن مهمتهم في نهم كانت إيصال تلك الأسلحة للحوثيين ثم يعودون إلى مأرب، عودة تكتيكية، والحوثيون يقتفون آثارهم، مستريحي البال، خاصة بعد أن ترك لهم القادة المعلمون والمدرسون والموجهون والخطباء كل الوثائق العسكرية السِّرية لخطط الرئيس وجيشه في صنعاء ومأرب والجوف.. وبعد هذه النكسة المدوِّية، لا تحقيق، ولا مساءلة، ولا حساب، ولا عقاب، ولا تغيير أو حتى تبديل.

وأصل من أصول النكسة، الفساد الإخواني والهادوي.. ويحضرني شاهد من مكان آخر، قد يجلي ما نريد تسجيله هنا.. فقبل سنوات قليلة عندما كان يتعين إجراء انتخابات نيابية في أراضي السُلطة الفلسطينية، لحل مشكلة وجود حكومتين إحداهما في قطاع غزة والثانية في الضفة الغربية.. حينها استمعت إلى المتحدث باسم حركة حماس أيمن طه، كان يقول: انتخابات لا.. ولماذا، لا؟ الجواب أن حكومة حماس في قطاع غزة هي حكومة الله، فلا يجوز إخضاعها لاستفتاء بني البشر.

هذا المتحدث باسم حركة الله، وحكومة الله، وقضية الله، اعتقله جهاز أمن حركة حماس مؤخراً.. أتدرون لماذا أعتُقل هذا المجاهد في حكومة الله؟ قال الجهاز الأمني للحركة، إنّ أيمن طه اعتُقل على ذمة عدد من الجرائم البسيطة التي ارتكبها: الأولى، أنه اغتصب طفلة.. الثانية، أنه اختلس 8 ملايين دولار أميركي من أموال الحركة الجهادية الإلهية.. الثالثة، أنه اقتطع لنفسه مليوناً و200 ألف دولار، من إجمالي 120 مليون دولار كُلف بتهريبها من مصر إلى قطاع غزة.. ادعى أنّ المهربين في الطريق أخذوا 10 في المائة نظير تأمين عملية التهريب، لكن تبين للجهاز الأمني لحركة حماس أنّ أيمن أخذ لنفسه نسبة العشرة في المائة، وليس المهربين المجاهدين الشرفاء!

مثل حركة حماس تتلقى الحركة الحوثية ملايين الدولارات الأميركية تهريباً، وبترولاً عبر الحديدة، ومنافذ أخرى لا توجد فيها عصابات لتسهيل مرور الأموال المجاهدة، ولا تأخذ عمولة، مثل التي زعمها الناطق الرسمي باسم حركة الله في غزة، لذلك ترى الأمر هنا شريفاً نظيفاً، لأن لا أحدَ في صنعاء يحاسب أو يعتقل فاسداً.

ومثل الناطق الرسمي باسم حركة حماس وحكومة الله، وبيت الله وأنصار الله، وحماة دين الله، ورجال الله،  ومجاهدي الله، توجد في الجناح الشرعي من اليمن حركات وأفراد، يحدثون الدنيا عن استعادة الشرعية من يد الحوثيين الانقلابيين، ويبهرون المنصت المحلي عن الفدائية والقتال المرير والتضحيات التي يقدمونها على هذي الطريق.

هذا في العلن.. أما في الخفاء، فيا مرحا للحرب، وأهلاً بك أيها التحالف العربي العظيم.. ابن الرئيس يتاجر، وابن نائب الرئيس تاجر، وابن وزير الدفاع متعهد لوجستي، وابن قائد المنطقة مهرب، وابن المحافظ يشري فللاً في تركيا، ونادية الشرعية يبني فنادق.. و... و... و....

لا التحالف سأل من أين جاء لهم هذا فجأة؟ ولا الشرعية سألت: ما له هذا قائد اللواء صار يمتلك في وقت الحرب فيللا قيمتها ثلاثة ملايين دولار؟ ومن أين جاء ذاك بقيمة شقتين في القاهرة، وهذا شقة في لندن، وفلان فيللا على بحر استانبول وفوقها حصل على الجنسية التركية؟

التحالف العربي لدعم الشرعية، طيلة خمس سنوات لم يسأل الشرعية يوماً: ما لكم يا شرعية لا تدفعون مثلاً -مثلاً مثلاً يعني- مرتبات الموظفين في المناطق المحرَّرة على الأقل، بينما نفط مأرب شغال، ونفظ حضرموت شغال، وغاز ونفظ شبوة شغال، ومليارات دفعنا نحن التحالف العربي لمصلحة شعب اليمن وتقوية الشرعية، بينما أنتم يا شرعية تنهزمون. اللعنة!