مقالات


السبت - 15 فبراير 2020 - الساعة 07:12 م

الكاتب: أ. فيصل الصوفي - ارشيف الكاتب



قال فريق الخبراء في تقريرهم لهذه السنة إنّ الوضع الذي ساد على الحكومة والحوثيين بقي على حاله خلال العام 2019، فلا تقدم في جهود التسوية، ولا انتصار عسكري حاسم، باستثناء فقْدِ الحوثيين أجزاء من الحديدة عندما قامت قوات الحكومة الشرعية بزحف كبير نهاية العام السابق.. وفي مكان آخر كتب فريق الخبراء أنهم يعتبرون القوات في الساحل الغربي جماعات مسلحة غير تابعة للحكومة، باستثناء لواء النقل.. وهذه واحدة من تناقضات كثيرة وردت في تقرير الفريق، إضافة إلى شُبهٍ تتعلق بعدم الحياد، وبالتحامل على شريك أساسي في التحالف العربي، حيث لم يخف الفريق نقمة غير مفهومة على دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد شوه دورها وقلل من قيمة جهودها العسكرية والأمنية والإنسانية والتضحيات التي قدمها رجالها في سبيل نصرة الشعب اليمني، ونسب إليها منكرات ليس من صنعها، وانتهاكات وقعت في وسائل إعلام الإخوان المسلمين وليس على الأرض.

وقد فرح الإصلاحيون بذلك التحامُل وذلك التزييف، كما بذل الموالون للحكومة، ومعهم شركاؤها في مكافحة الحوثية، جهداً إعلامياً في سبيل إبراز المعايب والجرائم التي عددها فريق الخبراء ونسبها للحوثيين، بينما لو دققوا لوجدوا أنّ الفريق كان رحيماً بالجماعة الحوثية، في مقابل قسوة غليظة على حكومة هادي.

صحيح أنّ التقرير تضمن شواهد حقيقية تسود وجه الجماعة الحوثية، لكنه أورد شواهد مضاعفة، ومن كل نوع تسود وجه الحكومة الشرعية.. على سبيل المثال نسب الخبراء إلى الحكومة وقواتها وأجهزتها جرائم وانتهاكات لشرعة حقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، أكثر من تلك التي ارتكبها الحوثيون خلال العام 2019.. وقالوا إن المسئولين في حكومة هادي مقاولون انتهازيون يمارسون فساداً ويثرون من المال العام بطرق غير مشروعة.. وإن التكسب غير المشروع من الحرب أصبح أمراً مستحكماً داخل الحكومة.. وإن البنك المركزي في عدن تلاعب بأسعار الصرف الاجنبي لأغراض الإثراء غير المشروع.. وهلم جرا.

وفي كثير من الحالات سجل فريق الخبراء للجماعة مزايا تتفوق بها على الحكومة التي أظهروها كأنها مجموعة من الأغبياء والكسالى.. مثال بسيط لذلك قولهم إن الحوثيين تمكنوا من تنظيم قواتهم وعزَّزوا سيطرتهم ببنى مؤسسية راسخة وأجهزة مخابرات مثل جهاز الأمن والاستخبارات الذي كونوه في صنعاء (بعد نحو سنة من توجيه الرئيس هادي بتكوينه في عدن وبقي توجيهاً مجرد خبر في وكالة سبأ بالرياض).. وإنه بينما يفرض الحوثيون انضباطاً في صفوف ميليشياتهم، تتقاتل قوات هادي في ما بينها، كما في مثال الحرب التي شنها الحشد الشعبي الإصلاحي على جماعة أبي العباس واللواء 35 في تعز.. وفي هذه صدق الخبراء، بل إن قوات حكومية تتشوق لمقاتلة القريبين منها، كما في مثال القوات التي يسيطر عليها حزب الإصلاح، حيث كرر بعض قادتها الإعلان عن رغبتهم في شن حرب على القوات المشتركة في الساحل الغربي الذي ذكر تقرير الخبراء أن انتصارها على ميليشيا الحوثي في الحديدة كان الاستثناء الوحيد.