مقالات


الخميس - 11 يونيو 2020 - الساعة 05:31 م

الكاتب: د. عبد القادر الجنيد - ارشيف الكاتب



..واليمننة تحت حرفنة حوثي يلطش فلوس سعودية ويتلاعب بأمم متحدة


▪أولا: مقدمة

كل دولة بلورت استراتيجيات مواجهة جائحة أو فاشية ڤيروس كورونا، حسب ضرب الوباء لها وإمكانياتها، وتركيبتها الاجتماعية والسياسية.

هناك طريقان لانتشار الڤيروس:
١- المسافرون من الخارج
٢- الانتشار الداخلي

أول درس درسته في مقرر الصحة العامة في سنة رابعة طب قبل ٥٠ سنة في مكافحة أي مرض معدي، علمنا الخطوات وهي:
•إيجاد الحالات المَرضية ومعالجتها وعزلها
•اقتفاء أثر المخالطين وفحصهم

في ١١ مارس ٢٠٢٠، صنفت منظمة الصحة العالمية وباء كوفيد١٩ كفاشية عالمية، حيث ساء الوضع في البداية في البلاد المتقدمة التي يكثر مواطنيها من التنقل والأسفار لثرائها ولخدمة تجارتها واقتصاداتها الكبيرة.

عندما ينتشر المرض بسرعة في مكان واحد نسميه وباء ونقول هذه المنطقة موبوءة- وإذا كان مستقرا لمدة طويلة نسميه متوطن، وعندما ينتشر في عدة بلدان فهو جائحة، وإذا تفشى في كل بلدان العالم يصبح فاشية.

والآن، قد انتشر المرض في أكثر من ٢٠٠ دولة وتعدت الإصابات رقم ٦ مليون من البشر وبزيادات يومية أكبر في البلدان الأفقر والأقل نموا.


▪ثانيا: الاستراتيجيات الثلاث

١- استراتيجية إحتواء الوباء
______
أ- الهدف: تقليل أو إيقاف انتشار المرض داخل المجتمع

ب- التوقيت: أول أطوار الوباء في مكان محصور ومحدد

ج- اكتشاف الحالات ومعالجتها:
•البحث النشط عن الحالات عند من عندهم أعراض وفحصهم ورعايتهم، والإعلان والطلب من الناس الذين عندهم أعراض بالحضور وعزلهم تحت الإشراف والمراقبة سواء في بيوتهم أو في أي ترتيب معين.
•اقتفاء أثر المخالطين وفحصهم وعزلهم

د- حظر تجول صارم وبقاء في البيوت وقفل المدارس والأسواق ومنع التجمعات والسفر بين المدن
قفل كامل ومنع السفر من الأماكن الأكثر وباء إلى الأقل

هـ- المدة
مدة إستراتيجية الإحتواء قصيرة، يبدأ بعدها فتح الأسواق وخروج الناس ولكن مع استمرار الاحترازات الشخصية والمجتمعية ويقظة السلطات الصحية

٢- استراتيجية كبت الوباء
______

أ- الهدف: تخفيض أو تبطيئ ارتفاع معدل الإصابات، بغرض تخفيف الضغط على المؤسسات والخدمات والكوادر الصحية

ب- التوقيت: يبدأ العمل بهذه الإستراتيجية بعد أن يكون المرض قد دخل إلى مجتمع معين لم يكن من الممكن تطبيق إستراتيجية الإحتواء فيه (وليس مبكرا كما في الإحتواء)

ج- اكتشاف الحالات وعزلها ورعايتها، وتتبع المخالطين وفحصهم وعزلهم.
تقريبا نفس خطوات سياسة الاحتواء.

د- بقاء في البيوت وقفل ومنع محدود للأسواق والسفر بين المدن، بحسب خطورة الوضع.

هـ- المدة
طويلة المدى.
وتشتد الاجراءات والاحترازات أو تخف حسب إزدياد أو تراجع أرقام الإصابات.

٣- استراتيجية تقليل الغرامة من الوباء
______

أ- الهدف: !

ب- التوقيت: هذا يقوم به من لم يهتم بعمل أي شيئ وقد تأخر الوقت وقد انتشر المرض واستفحل بين الناس وداخل المجتمع، بحيث يصبح لا مجال للحديث عن أي إحتواء للوباء أو أي كبت لانتشار الڤيروس.

ج- اكتشاف الحالات الشديدة (١٦٪؜) وتقديم الرعاية الصحية لها في المستشفى مع العزل التام.
مع تتبع المخالطين والتشدد أكثر مع الذين عندهم بعض الأعراض، فقد ثبت بأن المصاب بأعراض خفيفة يعدي الآخرين أكثر من المصاب الذي بدون أعراض على الإطلاق.
لكن مع تذكر أن المصاب الذي بدون أعراض، يعدي الناس أيضا.

د- لا يتم قفل الأسواق ولا منع التجمعات ولا الأسفار بين المدن فقد تأخر الوقت على أي شيئ
يبقى الأكثر ضعفا أمام الوباء- كبار السن وذوي الأمراض المزمنة- في البيوت، وتمنع التجمعات الكبرى

هـ- المدة
مدة طويلة، وتنتهي بما يسمى بمناعة القطيع.
مناعة القطيع، باختصار، هي يموت عشرات الألوف من الناس وترتفع إصابات بقية السكان بدرجات مختلفة من شدة المرض تنتهي بالشفاء، وعندما تصل نسبة الإصابات إلى ٦٠- ٧٠٪؜ من السكان، تتوقف "الاحتمالات الإحصائية" التي ينتقل فيها الڤيروس من شخص مصاب إلى شخص سليم.
ويستمر هذا الوضع حتى أجل غير معلوم، فهو يعتمد على مدة المناعة التي يكتسبها من أصيب بالمرض وتم له الشفاء، ونحن لا نعرف بعد مدة هذه المناعة. هل هي شهور أو سنة أم سنين أم إلى الأبد.


▪ثالثا: وضع اليمن


كل ما هو سلبي، موجود في اليمن.

وحيثما قلبت وجهك في اليمن، فسترى ما لا يعجبك.

حرب أهلية، وانقلاب مسلح في الشمال بمساندة "إيران" وآخر في الجنوب بمساندة "الإمارات" على الحكومة الشرعية المعترف بها عالميا التي لا تتواجد على الأرض ومستقرة في "السعودية".

ولا يوجد خبراء مكافحة أوبئة، ولا مستشفيات أو كوادر صحية ولا تجهيزات ولا حماية أطباء ولا كوادر صحية يمكن الإعتماد عليها.

ولا توجد فلوس

ولا قيادات سياسية خبيرة رصينة ولا سلطات محلية بحس مبادرة وتقاليد عريقة.

لا يوجد أي أحد في اليمن، يقوم بعمل أي شيئ وحتى إذا التهب الإحساس والمشاعر فإنه لا أحد يدري ما الذي يجب أن يعمله، وإذا عرف فإنه لا يستطيع.

في مناطق سيطرة انقلاب شمال اليمن، يموت الناس ويتكلم وزير الصحة المتوكل عن غيرة العالم منه وحسده له ومن جهوده الناجحة في احتواء الوباء وعن عبقرية مختبرات وأطباء وصيادلة أتباع الحوثي التي في طريقها للقضاء على فيروس كورونا باختراع دواء.

وفي مناطق سيطرة انقلاب المجلس الانتقالي، يموت الناس بدون أي دعاية أو إدعاء.

وفي مناطق المسماة بالشرعية- والتي لا تعرف عنها حكومتها عنها إلا ما نعرفه نحن النازحون في آخر الدنيا من حفر للقبور بالبوكلينات والغرافات في تعز وصور التعازي في الفيسبوك منها ومن مارب ومن إب ومن كل مكان في اليمن.

اليمن، مضروبة كما لم تضرب أي بلد في العالم بالوباء


▪رابعا: فلوس السعودية

أنشأت السعودية مركز الملك سلمان لإغاثة اليمن، ورصدت له مليار دولار- حسب طريقة الباب الدوار- أي تظل خزينته مليئة مهما سحب منها لأغراض الإغاثة الإنسانية فقط (أي بدون إدخال مجهود إعادة الإعمار) وبحيث يشمل حتى المناطق التي تحت سيطرة عدوها اللدود الحوثي.

كان المفروض والمتوقع أن تكسب السعودية احترام وإعجاب كل العالم بأعمال وجهود مركز الملك سلمان للإغاثة.

وكان المتوقع أن تجلس السعودية وتتربع وتتسلطن في قلوب وعقول وخيال اليمنيين بجهود مركز الملك سلمان للإغاثة.

كان من الممكن أن ترتبط فكرة الإنسان السعودي بعقاله وثوبه في خيال الإنسان اليمني بتلبية نداء الواجب ووقوف الصديق في وقت الضيق.

ولم يحدث أي شيء من هذا.

لم تعرف السعودية، أفضل طريقة لتوصيل نواياها الطيبة ولا أموالها الطائلة لمساعدة اليمنيين.

ونسجت الأمم المتحدة خيوطها حول المملكة السعودية- وأحيانا بطرق هي أقرب إلى التشهير وتلطيخ السمعة والإبتزاز تحت مسميات مثل "الكوليرا" و "أسوأ مأساة إنسانية في العالم".

وكان المشهد يختلط علينا أحيانا بحيث لا نعرف إن كانت السعودية تخضع لابتزاز الأمم المتحدة أو تقوم برشوتها أو شراءها لتكف الأذى عنها.

المهم أنه في كل نهاية ابتزاز أو رشوة، فإن الأمم المتحدة تبدأ بنثر المدائح وتغريدات الشكر والامتنان لتبرعات السعودية.

نشعر بأن السعودية، قد أُرهقت ووصلت لحد الارتباك بمشاكلها وبمشاكل اليمن وبابتزاز وحركات الأمم المتحدة، وأنها مستعدة وبالتدريج لتوكيل الأمم المتحدة لعمل كل شيء في اليمن.

ونشعر بأن كل من الحوثي وإيران- مثل كل كلاب الصيد أو الذئاب المفترسة- تشم رائحة هذا الإرهاق السعودي وتتكتك وترسم الخطط على استراتيجية انتظار طويل تقع بعده المملكة السعودية في براثنها ومخالبها.


▪خامسا: حرفنة وحرفية الحوثي

الأمم المتحدة، كانت مستأجرة لفندق شيراتون صنعاء لموظفيها بمبلغ مليون ونصف دولار شهريا.
لن تصدقوا لمن كانت تدفع الأمم المتحدة هذا المبلغ.

كانت الأمم المتحدة تدفع المبلغ لأمريكا التي كانت مستأجرة له من مالكه الكويتي بمبلغ مليون دولار فقط من مالك الشيراتون وهو كويتي الجنسية.

أجبر الحوثيون الأمم المتحدة على أن تخرج من مبنى الشيراتون وحدائقه وملاعبه، ليستأجروا منهم فندق "حدَّة" المبني بأبلكاش الخشب الذي يمكن استئجاره بعشرين أو ثلاثين ألف دولار شهريا، وليس المليون دولار ونصف التي غصبوا الأمم المتحدة على دفعها لهم والتي توزع بين كبار المتنفذين في التراتبية الهرمية لشلة الحوثي.

وعندي الكثير من الأمثلة على مراضاة الأمم المتحدة للحوثي ومداراتها له ولكن هذا يحتاج مقالة منفردة.

هناك سياسة واضحة للأمم المتحدة، وهي مراضاة الحوثي.

▪سادسا: مراضاة الأمم المتحدة للحوثي

سياسة الأمم المتحدة، تضعها مراكز التفكير في مجموعة الأزمات الدولية في برلين وتشاتهام هاوس في لندن ووزارة الخارجية البريطانية وهي قائمة على استحالة هزيمة الحوثي عسكريا وأنهم يحتاجون لبقاء الحوثي على طاولة المباحثات مهما اشتط وتعنت وبالغ باستعمال القوة مع عموم الناس داخل اليمن ومهما أطلق من صواريخ على السعودية.

ولا يعادل تأثير ما يدور في مراكز التفكير هذه على الأمم المتحدة وأروقة وزارة الخارجية البريطانية إلا تأثير جيراد كوشنر والرئيس الأمريكي ترامب، الذين لا يوافقون على الضغط الكامل على السعودية.

والمؤكد أن كل هذا سيتغير إذا - أو عندما- يحل جو بايدن محل ترامب في رئاسة أمريكا.

من الأشياء الفريدة في العالم، هي أن الأمم المتحدة، تساعد الحوثي الذي تسميه بقائد التمرد في اليمن بفلوس السعودية الذي يخطب بأنه لا شرعية لها في الإشراف على مكة والمدينة المنورة وبأنه هو عبدالملك الحوثي سيقود جيوش "المنصور" القادمة لتحرير مكة والقدس.

▪سابعا: عودة ل "يمننة" مكافحة كوفيد١٩


اليمن، ستتلقى الضربة الكاملة لڤيروس كورونا في أسوأ سيناريوهاتها بين دول العالم.

المتوقع، هو الآتي:

١- سينجو ٨١٪؜، من المصابين، وهم من نسميهم بالحالات "البسيطة"
وهم الذين عندما تصل نسبتهم في اليمن إلى ٦٠- ٧٠٪ من السكان، ستصل معهم اليمن إلى "مناعة القطيع".

٢- لا مجال لإنقاذ ٤٪؜ وهم من نسميهم بالحالات "الحرجة"، فهم يحتاجون لإمكانيات عناية مركزة لا يمكن توفيرها في وقت قصير.

٣- يبقى معنا ال ١٦٪؜، من المصابين، وهؤلاء هم من نسميهم بالحالات "الشديدة"- أي في بقعة وسط بين البسيطة والحرجة.

وهؤلاء هم من يمكن مساعدتهم بفلوس السعودية، التي سلمتها للأمم المتحدة.

يمكن مساعدتهم بتجهيز مستشفيات لرعايتهم بتجهيزات مقدور عليها وبحماية كوادر الأطباء والممرضين وكل العاملين والفراشين، وبالإغداق عليهم بالمرتبات العالية والحوافز المادية والمعنوية المجزية.

ويمكن تخفيف معدلات الإصابات بعزل المخالطين ومتابعتهم بطريقة نشطة في بيوتهم.

▪ثامنا: ..ونحن سنراقب

..ونحن سنراقب
ماذا سيحدث لفلوس السعودية؟
وماذا ستعمل الأمم المتحدة بالفلوس؟
وكيف سيتحرفن الحوثي ليلطش الفلوس؟
وكيف سيستمر شعبنا الدائخ الصابر تحت سلسلة المآسي التي تتوالى عليه؟


١٠ يونيو ٢٠٢٠

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك