مقالات


الإثنين - 15 يونيو 2020 - الساعة 01:43 ص

الكاتب: جميل مفرح - ارشيف الكاتب



قضيت فترة بعد الظهر وحتى أليل وقت هذا اليوم وأنا أكتب مقالاً سياسياً مطولاً توقفت فيه على كثير من الملاحظات وحاولت توضيح وتحديد، إن لم يكن لأحد فلنفسي، جوهر ما وصلنا إليه ونعيشه كيمنيين من معاناة ومآس وشتات منذ عقد من الزمن، وأسباب ذلك ومن يقف وراءه.. وما الذي تفعله بنا القوى السياسية طوال هذه الفترة...

تلك القوى التي لا تفوت سبباً ولا ظرفاً دون أن تسعى للكسب منه على حسابنا وحساب وطننا وأمننا واستقلاليتنا ووحدتنا.. ما وصل بها وبنا إلى كل هذا التدمير والتفكك والتنافر والتقاتل فيما بيننا، وكأننا لم نكن يوماً أبناء شعب واحد، بل وكأن اليمن لم يكن وطناً لنا ننعم بخيراته ونحتمي ونفخر بالانتماء إليه..

وكيف أن الوطن، الشعب، الانتماء، الاستقلال والمصلحة العامة لم تعد غير مفردات مجردة، لم يعد لها حضور في قواميس تلك القوى ولم تعد تتواجد في أي من حساباتها عدا حسابات المصلحة الفردية والاستغلال من قبل هذا الطرف أو ذاك..

هذيت وهذرمت وازبدت واحتشدت الأفكار واستقامت وتقاطعت وتعاضدت مسارات اللغة والأفكار والملاحظات والاستدلالات، وطالت الطرق والمسافات دون التواءات أو عثرات، ولم يكن لها أن تتوقف لو لم يدركني الإعياء والتعب والحزن ثم البكاء..

وحين التفت ورأيت ما تركته ورائي من ركام هائل انكسرت تماماً وضعفت وانهزمت حقيقة، لأنني أدركت أنني إنما أحرث بورقي في الماء وأكتب في الهواء بإصبع نصف مبتورة، وأنه لا جدوى من كل هذا التعب والعدو والتعرق والتحفز إزاء غيبوبة شعبية ووطنية وقومية، أخذت اليمنيين في حضنها ونأت بهم بعيداً جداً عن واقعهم وعن كل حقيقة كان وما يزال يجب التوقف عندها وإسقاطها على مجريات الأحداث..

نعم نحن اليمنيين جميعاً نعيش في غيبوبة مفروضة ننصت إلى كل ما يحدث من حولنا بإدراك يشبه إدراك النائم نصف نومة، ولكننا للأسف لا نستطيع أن نتحرك أو نتكلم أو نفعل شيئاً ممكناً لإيقاف هذه الفوضى غير المبررة، الفوضى التي قتلتنا وتقتلنا وستظل تقتلنا إلى أجل غير مسمى..

إننا كالفريسة التي تتابع باستسلام مطلق مفترسها وهو يلتهمها ابتداءً من أخمص قدميها، وقد نستيقظ في لحظة نعتقد أنها مناسبة لندفع عن أنفسنا الأذى، وقد لا نستيقظ قبل أن تصل فكوك هذا المفترس وأنيابه إلى رؤوسنا وتلتهم أعيننا التي ربما لن ترى أو تسجل شيئاً بعد الآن.

#طفح_سياسي

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك