مقالات


الأحد - 19 يوليه 2020 - الساعة 11:00 م

الكاتب: ادونيس الدخيني - ارشيف الكاتب



في الحجرية، لم يكن هناك توتر قبل وصول حشود الشرطة العسكرية وميليشيات الحشد الشعبي إلى ريف المدينة الجنوبي، كانت المنطقة تعيش في أمن واستقرار، وما إن وصلت تلك الحشود بحجة ملاحقة عناصر خارجة عن النظام والقانون، حتى بدأت الانتشار في مسرح عمليات اللواء 35 مدرع، قبل الصعود إلى الجبال والتمركز فيها، كجبلي صبران والرهش مثلًا.

وبهذا الانتشار، بدا واضحًا، أن ثمة أهدافاً أخرى غير تلك التي تحدث عنها قائد الشرطة العسكرية محمد سالم الخولاني، ليرتفع بعد ذلك منسوب التوتر إلى الذروة بين اللواء 35 مدرع وتلك القوات، إضافة إلى قوات اللواء الرابع التي هي متواجدة من قبل.

أكد ذلك تطور الخطاب الإعلامي للماكينة الإعلامية للمحور والحزب المسيطر على قراره والذي يجيره لخدمة أهدافه، فبعد ذلك الانتشار، ذهبت إلى الترويج عن وجود مؤامرات، لم تؤكد صحة واحدة منها، كوجود قوات لطارق صالح. وأقول هنا، إنه لو كان هناك أي قوة عسكرية، لما ترددت لحظة الماكينة الإعلامية عن نشر صور للقوات لتؤكد صحة قولها، سيما وأنها تتمنى أكثر من أي شخصٍ آخر وجود مثل هذا الدليل، وبحاجة إليه.

انتشرت القوات، ولم تجد قوة عسكرية غير قوات اللواء 35 مدرع، وذهبت إلى الاحتكاك معها، لتكشف بذلك حقيقة الأهداف التي ذهبت من أجلها، وهو محاولة تحييد اللواء 35 مدرع، بعد اغتيال قائده، ومحاولة تفكيكه من الداخل. هذا اللواء الذي اختار طريق الكفاح العسكري في مواجهة الانقلاب يوم استسلمت مناطق وألوية عسكرية بكاملها، وظل وحيدًا صامدًا، يكافح نيابة عن الشعب اليمني في مواجهة الانقلاب، وقاتل قائده وضباطه وافراده ببسالة في مختلف الجبهات العسكرية، وسطر ملاحم بطولية، وقدم أسمى التضحيات، من أجل الانتصار للدولة والجمهورية، في مواجهة بقايا الإمامة.

الاحتكاك مع قوات اللواء 35 مدرع، تزامن مع حملة إعلامية شنتها ذات المكينة على ضباط اللواء 35 مدرع كعادل الحمادي، والنقيب، ومروان البرح وآخرين، وهي ذات المكينة التي سبق وشنت حملات تشويه ممنهجة استهدفت قائد اللواء، قبل استشهاده، وتحديدًا بالتزامن مع انتشار اللواء الرابع بمسرح عمليات اللواء 35 مدرع، وعسكرته في الأصابح، وقيام قائد المحور اللواء الركن خالد فاضل بسحب أفراد اللواء وتحويلهم مع الأسلحة وحتى المواقع العسكرية إلى اللواء الرابع، كما حدث على سبيل المثال لا الحصر، في جبهة الاحكوم، وبعض المواقع العسكرية في الحُجرية. وبهذه الإشارة نُذّكر الجميع بأن محاولة ضرب اللواء لم تكن وليده اللحظة، بل منذ عامين تقريبًا، وتحدث عن ذلك قائد اللواء عدنان الحمادي.

عندما بدأت مؤشرات تحول أو تطور التوتر إلى مرحلة جديدة إلى موجهة عسكرية بين القوات الحكومية في المدينة، تدخل رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن عزيز بن صغير، وأبرق إلى قائد المحور بسحب القوات من مسرح عمليات اللواء 35 مدرع، وسبقه رئيس اللجنة الأمنية في المدينة محافظ المحافظة نبيل شمسان، الذي أبرق إلى قائد المحور وقائد شرطته العسكرية، بسحب القوات من ريف تعز الجنوبي، وإسناد مهمة الأمن للقوات الخاصة.

لم تشق برقية من البرقيات التي صدرت طريقها للتنفيذ، وظلت حبسيه الأدراج في مكتب قائد المحور، الذي كان بإمكانه أصلاً أن يكون هو من يُنهي التوتر الذي قام بين الوحدات العسكرية، لو كان يحترم شرفه العسكري، ويكون قائدًا لمحور تعز بما يحمله الاسم من معنى، ومهمة.

من كل ما سبق، يبدو واضحًا سبب التوتر الحاصل في مدينة التربة، ولعل أبناء الحجرية الذين هم أكثر الناس قربًا من الحدث، كانوا مدركين لذلك، فقرروا الخروج بمسيرة حاشدة، رفضًا للتحشيد العسكري، والملشنة، وللمطالبة باستكمال التحقيق في قضية اغتيال العميد الحمادي.

ورغم صدور التوجيهات العسكرية، ومن السلطة المحلية، والموقف بالتظاهرات الشعبية، لا يزال قائدا المحور وشرطته العسكرية ومن يمسك بقرار المؤسسة العسكرية في المدينة، عازمًا على الاستمرار في التصعيد، والذي لن ينتهي إلا بإزالة أسبابه، وليس بأنصاف الحلول، أو الحلول المؤقتة، التي تخفض منسوب التوتر، وتخدره مؤقتًا، لكن لا تنهيه.

ومع هذا التعنت، لا تزال المعركة عسكريًا غير مستبعدة، ومتوقع اندلاعها في أي وقت، سيما مع تزايد حدة التوتر، واندلاع مواجهة بين الفينة والأخرى آخرها ما حدث في التربة، وقرار إيقافها، هو بيد رئيس الجمهورية بالدرجة الأولى، وبعده محافظ المحافظة بوصفه رئيس اللجنة الأمنية في المدينة.