مقالات


الأربعاء - 02 سبتمبر 2020 - الساعة 12:20 م

الكاتب: عبدالله حمدين - ارشيف الكاتب



لم يكن مستغرباً سيطرة قوات المقر على مسرح عمليات اللواء 35 مدرع في الحجرية، فسبعة ألوية عسكرية بعتادها الحربي المكدس منذ خمس سنوات قادرة على إحراق الحجرية عن آخرها وليس السيطرة على اللواء فقط.

القوة العسكرية المهولة التي استخدمها المحور لتنفيذ أجنداته بالسيطرة على اللواء 35 والحجرية أدت لحدوث مناوشات وعمليات كر وفر أمطرت فيها مدفعية الموت الثقيلة للمحور قرى النشمة والعين والجبزية -بوابة الحجرية، بنيران مدافعها بكل همجية وعنف وبلا رحمة، موقعة عدداً من القتلى والجرحى، لم ينجر اللواء للمواجهة بشكل مباشر بثقله العسكري بقاعدته الشعبية.

لأنه كان يدرك رغبة مليشيات الإسلام السياسي لجر المنطقة لأتون حرب مدمرة، كما هي عادتها في إشعال الحرائق هنا وهناك.. وكان اللواء قد بدأ ترتيباته لإجراء عملية التسليم تبعاً لتوجيهات رئاسة الجمهورية.

ولهذا، بادر اللواء بإصدار بيان دعا فيه جميع ضباطه وأفراده ومنتسبيه ومناصريه إلى عدم الانجرار إلى هذه الحرب، وأمر بوقف العمليات العسكرية حقنا لدماء اليمنيين وصونا لأرواح المدنيين الأبرياء وحتى لا تتحول المنطقة إلى ساحة للحروب البينية التي ستلتهم الأخضر واليابس وسيخسر فيها الجميع. وعلى إثر دعوة التهدئة التي أطلقها اللواء تم تسليم قيادة اللواء في منطقة "العين "لقائدة الجديد "الشمساني".

تعرض اللواء 35 مدرع لحملات ممنهجة عسكرياً وإعلامياً من قبل المقر طيلة الفترات الماضية بغرض تشويهه واضعافه وإقصائه من المشهد بشكل عام.

والبداية كانت بإخراج كتائب أبو العباس من تعز المدينة القديمة بحجة مسؤوليتها عن عمليات الاغتيالات في تعز وولائه للإمارات بحسب إعلام المقر.

غادرت كتائب أبو العباس تعز المدينة واتجهت غرباً صوب منطقة الكدحة، لكن مسلسل الاغتيالات والتصفيات ظل مستمراً، ما يعني أن أعمال الإرهاب والاغتيالات مسؤولية المقر ومليشياته.

استمر تجمع الإصلاح بتنفيذ مخططه الرامي لإضعاف اللواء وتدميره، حيث تم إنشاء معسكر للحشد الشعبي في منطقة قريبة من يفرس، أي داخل مسرح عمليات اللواء 35 مدرع بتوجيهات علي محسن وحمود المخلافي وبتمويل قطري تركي.

إنشاء معسكر للمليشيات الاخونجية في نطاق سيطرة اللواء 35 ودون أن يصدر بإنشائه قرار من رئيس الجمهورية مخالفة قانونية وعسكرية تجاوزها المقر بفعل سلطانه وسلطته المهيمنة على مصادر القرار وكان الهدف من إنشاء المعسكر ليكون ندا وضدا للواء وقاعدة متقدمة للمليشيات تستطيع من خلاله ضرب اللواء والتوغل جنوبا في ريف الحجرية لضرب واحتواء قوى الحداثة والدولة المدنية.

ظل اللواء 35 مدرع بقيادة الشهيد العميد/ عدنان الحمادي يمارس مهامه الوطنية بكل جدارة واقتدار، ويخوض معارك الشرف والبطولة بشكل أسطوري في جبهات الشقب والصلو والكدحة، غير عابئ بكل الممارسات والخطط الوضيعة التي يحيكها المقر لنهشه وتصفيته.

اللواء 35 مدرع بقائده الشهيد العميد/عدنان الحمادي صاحب الطلقة الأولى في مواجهة مليشيات الكهف الذائد عن حياض وكرامة تعز والذي كان له الفضل بعد الله في تحرير أكثر من ثلثي محافظة تعز وكان له الدور الأبرز في وقف التمدد الحوثي بريف تعز الجنوبي.

هذه المعطيات جعلت اللواء 35 الأقرب إلى قلوب الناس في تعز، كونه المخلص الحقيقي للمحافظة من مليشيات الانقلاب الحوثية وصار الشهيد العميد/عدنان الحمادي، رحمة الله عليه، رمزاً للبطولة والشرف والتضحية في عموم اليمن وتعز.

ولذلك لم تفلح الوسائل التي استخدمها المحور بقواه الرجعية المستبدة في إقصاء وتفكيك اللواء، نظرا لأن اللواء صار جزءاً من الذاكرة الجمعية لتعز، ذاكرة التحرير والانتصار والخلاص، ذاكرة الكرامة والشرف والانتماء.

وبسبب من فشل سدنة المعبد في تفكيك اللواء 35 مدرع قرروا هذه المرة إجهاض جنين الأمل في تربتنا الطاهرة الذي زرعه القائد. قررت جماعة الفتوى والتكفير التخلص من حلمنا الأبيض القائد الشهيد/عدنان الحمادي وحيكت مؤامرة الاغتيال في أروقة ودهاليز القوى الظلامية والرجعية وتم تصفية العميد داخل منزله في بني حماد في جلسة مقيل، في مشهد يذكرنا بعملية اغتيال الرئيس المقدم/إبراهيم الحمدي الذي تم تصفيته بجلسة غداء إبان السبعينات الذي مثل اغتياله ضربة قاصمة للمشروع الحداثي ولمشروع الدولة المدنية التي كان ماضيا في بناء مداميكها الأولى.

إن الأدوات القديمة التي اغتالت حلم اليمنيين ببناء الدولة المدنية الحديثة عن طريق تصفية الرئيس/ الحمدي هي نفس الأدوات التي اغتالت حلمنا بتصفية العميد/ الحمادي وهي الممسكة بخيوط اللعبة اليوم.

اغتيال القائد/الحمادي، كان بمثابة اغتيال لحلم الدولة المدنية دولة النظام والقانون والمساواة دولة المواطنة والحريات التي جسدها العميد الشهيد بتأسيس نواة للجيش الوطني بطريقة مهنية ومؤسسية حديثة يدين فيها كافة الأفراد بالولاء والانتماء للأرض والوطن بعيدا عن الولاءات المناطقية والشخصية الضيقة.

إن أفعال وممارسات جماعة الاستبداد الديني ومنظومتها السياسية والعسكرية ترمي لفرض سيطرتهم المطلقة على تعز وإزاحة خصومهم السياسيين بطرق شتى تبدأ بممارسة الضغوط وحملات التشهير والتخوين والعمالة وقد تنتهي بعملية التصفية.

هذه السياسة تعيد إلى الأذهان السياسة التي اتبعها "صالح" في التعامل مع خصومه السياسيين واللعب على رؤوس الثعابين، وهذه السياسات الاستعدائية الإقصائية هي التي أودت بحياة "صالح" في نهاية المطاف.

ولا شك بأن الإصلاح سيلقى نفس المصير إذا استمر في غيه وظل حبيس أفكاره التقليدية البائسة الرامية للتفرد بالحكم والسيطرة والإدارة وإلغاء وتهميش الآخرين على طريقة الدكتاتوريات البائدة.


hamdain1a@gmail.com