مقالات


السبت - 05 سبتمبر 2020 - الساعة 08:57 م

الكاتب: عبدالله حمدين - ارشيف الكاتب



سيطرت مليشيات المقر على اللواء 35 مدرع، وجلس الشمساني على كرسي القيادة، كرسي تلوث ببشاعة الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الحشد الشعبي، والألوية المليشاوية، القادمة من حلكة التاريخ، تاريخ المدينة التي كانت حالمة ذات زمن، لكنها غادرت أحلامها البيضاء، حين جثمت هذه القوى "المغولية" على صدرها، وسلبت وأحرقت تاريخها الأخضر الجميل.

جلس الشمساني على دفة القيادة ملطخاً بالدم الطاهر للدكتور/ أصيل عبدالحكيم الجبزي، الذي تم اختطافه وتعذيبه وبتر أصابعه، وذبحه في مشهد مأساوي يذكرنا بالأفعال اللاإنسانية، التي تمارسها مليشيات التنظيمات الإرهابية -داعش والقاعدة- في تصفية المختلفين معهم سياسياً وفكرياً.

إعدام الأسير أصيل عبدالحكيم الجبزي، بهذه البشاعة، جريمة ضد الإنسانية، جريمة تبين حجم السقوط الأخلاقي والإنساني، الذي وصلت له هذه الجماعات. وتختزل المشهد الدموي السوداوي الذي ينتظرنا، في حين ظلت هذه العصابات الإجرامية تتصدر الساحة السياسية.

يقول الصحفي "أنيس منصور"، في تغريدة له على تويتر، بأن هناك مخططاً لانتزاع مارب من يد الإصلاح، حيث ستسقط مارب بيد الحوثيين، وسيتم تحريرها من قبل التحالف، وستسلم لطرف آخر.

يدرك الإصلاحيون هذا الأمر، وسقوط مارب بيد المليشيات الحوثية بات وشيكاً، ولهذا بادر المقر لإسقاط اللواء 35 مدرع، بسبب من أن اللواء لا يدين بالتبعية للمقر، كما بقية الألوية العسكرية في تعز من جهة، وللسبب سالف الذكر من جهة أخرى.

سقطت الحجرية عملياً بيد المليشيات بسقوط اللواء 35 مدرع، حامي حمى تعز والحجرية.

الحجرية بامتدادها الجغرافي الشاسع، وثقلها السكاني الكبير، وموقعها الاستراتيجي المطل على باب المندب، البوابة الأهم لليمن جنوباً.

الحجرية الأرض والتاريخ، الإنسان، والفكر، الثورة والحرية، الحداثة والمدنية، الحركة الوطنية، منبع الثورات شمالاً وجنوباً، صانعة القادة والقيادة، الحجرية قلعة التنوير والتغيير، رائدة الثقافة والصحافة.. الشعر والفن.

الحجرية حاضرة اليمن الأولى، صانعة المنجزات والمعجزات، برجالها وشبابها ونسائها، الذين نهلوا من ثراها الطاهر، قيم الحياة والمحبة والانتماء، وراحوا ينشدون وينشرون ويضعون بصماتهم في كل أرجاء اليمن شمالها وجنوبها، قادة وعسكريين، سياسيين ومفكرين، مدرسين ومهنيين، تجاراً وعمالاً وحرفيين، فلا توجد منطقة على أرض اليمن إلا وتحكي قصة الحجرية..

وهنا تكمن الأهمية الاستراتيجية الجغرافية والتاريخية للحجرية، والتي تساوي مارب كمحافظة نفطية، بحسب تصوري.

بسقوط مارب بيد الحوثيين، بحسب التكهنات، ستكون تعز هي الأرض الموعودة، وهي الملاذ الآمن، التي ستحتضن، المليشيات القادمة من وكر الإصلاحيين (مأرب).

قرار الهيئة العامة للأركان كان واضحاً في تعليماته لقيادة المحور، بسرعة حسم موضوع اللواء 35 والسيطرة على الحجرية، لتأمين مستقبل المليشيات في حال سقطت مارب فعلياً، ولتوسيع مجال السيطرة الجغرافية على الأرض، إذا ما كان هناك مجال للتفاوض السياسي مستقبلاً.

تشكل سيطرة المليشيات الإخوانية على الحجرية، مخاطر محلية وإقليمية ودولية، منها:

أولاً: تهديد كبير على الجنوب، فقد تسعى المليشيات للانقضاض على عدن، من الجهة الشمالية الغربية -الحجرية- بعد فشلها في الدخول عبر الجهة الشمالية الشرقيه -أبين- ولهذا ينبغي على القوات الجنوبية تأمين خطوط التماس مع الحجرية.

ثانياً: تهديد طريق الملاحة الدولية في باب المندب، في ظل
الرغبة الجامحة لدى قطر وتركيا لإيجاد موطئ قدم لهم، على الأرض اليمنية.

ثالثاً: قد تعمد المليشيات إلى تفجير الوضع عسكرياً في الساحل الغربي، من خلال المواجهة المباشرة مع قوات طارق صالح، بحجة تبعيته للإمارات، وبالتالي تقديم خدمة مجانية للحوثيين.
.
.
عودة على بدء، نقول إن أعمال البلطجة والملاحقات لضباط وأفراد اللواء 35 مدرع، ومداهمة منازلهم ونهبها، تكشف الوجه القبيح لهذه الجماعات الإرهابية المنفلتة، المتلبسة بلباس الشرعية والدولة.

إن هذه الأفعال التي تمارسها مليشيات الموت العبثي، جرائم ضد الإنسانية، مدانة بكل الشرائع والدساتير والقوانين، لا تنتهي بالتقادم، وسيحاسب مرتكبوها طال الزمن أو قصر.

الحجرية أيها الحمقى، عصية على الغزاة، وشامخة تطاول السماء، قوية أقوى من بنادقكم ومدافعكم.

الحجرية أيها الأوغاد، قد تنحني، لكنها في انحنائها تزرع بذور الأمل والثورة، قد تصمت الحجرية، لكنها لا تعرف الذل والانكسار والعبودية.

ليس في قاموسها، الحجرية، سوى أبجديات الثورة والانتصار والتضحية، لذا ننصحكم أن تعيدوا قراءة تاريخ الحجرية جيداً، وأن تكفوا أياديكم الغادرة عنها وعن أبنائها، حتى لا توقظوا البراكين من مضاجعها، لأنها ستلتهمكم بنيرانها المتوثبة.

إن عهد الذل والخوف والانبطاح قد ولى إلى غير رجعة، صار الناس أكثر حرية وشجاعة وقدرة على مقارعة الظلم والاستبداد الديني والسياسي، مهما بلغ عنفه وعنفوانه، ولكم في ثورات الربيع العربي حياة يا جيش المقر.

hamdain1a@gmail.com