مقالات


الخميس - 09 يناير 2020 - الساعة 04:53 م

الكاتب: أ. فيصل الصوفي - ارشيف الكاتب



اصطاد الأمريكيون الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد ميليشيا فيلق القدس، وقتل معه آخرون من بينهم العراقي أبو مهدي المهندس، قائد حزب الله العراقي ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.. ولأن هذا الأخير عربي عراقي لم تهتم له الجماعة الحوثية على الرُّغم من التقارب الشديد في التوجُهات الفكرية والسّياسية والمذهبية بين هيئة الحشد الشعبي وميليشيا الجماعة الحوثية.

الصياح والنياح.. والحسرات والمظاهرات.. والخُطب وجلسات العزاء.. والدموع.. وصلوات الغائب، التي أقامتها الجماعة الحوثية، وكل بيانات المكتب السياسي للجماعة ورابطة رجال الدين الموالين، وتغريدات محمد علي الحوثي والشامي وغيرهما، كانت تتعلق بقاسم سليماني، لأنه إيراني داعم.. ولأنه إيراني كلّفت الجماعة ناطقها ومفوضها الرسمي محمد عبد السلام التوجه إلى طهران على رأس وفد باسم الجمهورية اليمنية للمشاركة في جنازة قاسم سليماني.. وزادت الجماعة تهدد أمريكا نيابة عن إيران أنها ستضرب أو سترد.

وبينما رد الحرس الثوري على أمريكا بصواريخ على أرض العراق، لا يبدو أنّ الجماعة الحوثية ستذهب في ردها إلى أبعد من هجمات على اليمنيين هنا وهناك، كما فعلت في الضالع قبل أيام، ورفعت مستويات الخرق في الحديدة.

لقد سقطت كل الأقنعة.. ارتفعت رايات الولاء لطهران أعلى فأعلى، وظهرت العمالة لإيران، وعشق الجماعة للقيادة الإيرانية.

لا فرق بين حسن نصر الله اللبناني، وعبد الملك الحوثي، أو بين محمد علي الحوثي والعراقي قيس الخزعلي.. ولاحظوا هذه الضميمة، فقيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحق العراقية توعد الأميركيين بضربة لا تقل قوة عن ضربة الحرس الثوري الإيراني على قاعدتي عين الأسد وحرير في العراق، وسريعاً في صنعاء المتحدث باسم ميليشيا الحوثي لم يكتف بالترحيب بالهجوم، بل أكد أن موقف الجماعة هو نفس موقف الحرس الثوري الإيراني.. وبعد كل هؤلاء يقول علي خامنئي إن موت سليماني أظهر أن الثورة الإيرانية حيّة.

إن الجماعة الحوثية سوف تجعل إيران تؤكد حيوية ثورتها، ولكن على أرض اليمن، فهل تعي القوى السياسية اليمنية خطر هذا الأمر.. خطر أن تكون اليمن مكان الرد الكبير؟

لا يبدو الأمر كذلك بالنسبة لبعض القوى السياسية ذات الأيديولوجية الدينية، فكما احتشدت حركة حماس الإخوانية من أجل قاسم سليماني ومن أجل إيران مهدرة قدراً كبيراً من قيمة القضية الفلسطينية، تجد جماعة الإخوان في اليمن -جناح قطر وتركيا خاصة- تجهد في معاونة الجماعة الحوثية من خلال المساعدة على تهريب الأسلحة والمتفجّرات إلى مراكز التجمعات الحوثية المحاذية لبعض مديريات الساحل الغربي، بما فيها التعزية، وتتحرش باللواء 35 مدرع، وتحشد لمواجهة عسكرية مع القوات المشتركة، تحت شعارات الشرعية، وبمزاعم من قبيل مؤامرات إماراتية لفصل المخا وموزع وذباب والوازعية عن تعز.. تستخدم هذا الوهم لحشد الغوغاء ودفعهم إلى إثارة الانشقاق داخل المجتمعات المحلية المستقرة.. كل ذلك بينما مدينة تعز التي يحكمها حزب الإصلاح ما تزال ميليشيا الحوثي مستحكمة على أحياء كثيرة منها.. وكل ذلك ومدينة تعز تعج بعصابات القتل والنهب واللصوصية والفوضى.

ومن المفارقات العجيبة أن تلك الفعاليات النائحة على مديريات الساحل التعزي لا تقام داخل المديريات نفسها، على الرغم من أن ذلك متاح، بل تنظم وتمول وتسيّر هناك في مدينة تعز.. مدينة الإصلاح الفاضلة الملائمة لعمل العصابات والمتعصبين.