مقالات


الخميس - 15 أكتوبر 2020 - الساعة 11:28 م

الكاتب: ادونيس الدخيني - ارشيف الكاتب



رافق العميد عدنان الحمادي في كل معارك الكفاح المسلح منذ انطلاق الشرارة ضد بقايا الإمامة، هنا يأخذ استراحة محارب بعد أن قاد معارك عنيفة حصدت تحرير مديرية الصلو والوصول إلى مشارف مديرية الدمنة، كان ذلك قبل عامين تقريبًا، في معركة نهاية يناير 2018م، وهي المعركة التي تقدمت فيها القوات الحكومية فقط في جبهة الصلو بريف تعز الجنوبي.

علي النقيب ركن بشرية اللواء 35 مدرع لا يحتاج لشهادة أحد، هو كما عدنان لديهما من التاريخ النضالي ما يكفي ويزيد ليؤكد كم هما كبيران، لا يوفران جهدًا لانتصار القضية الوطنية، ولا يقدمان المصلحة الشخصية أو أيا كانت على المصلحة الوطنية، والأخيرة دومًا بالنسبة لهم في المقدمة. ذلك تربوا عليهم، وظلوا محافظين عليها، محترمين الطير الجمهوري والنجمات التي إلى جواره وهم شامخين على أكتافهم.

ومؤسسيًا، نظم النقيب إلى جوار قائده العملاق عدنان الحمادي، اللواء 35 مدرع الذي بُني كجيش وطني، مهمته الدفاع عن الوطن ومصلحته، وذاك ما بدا واضحًا أمام الجميع، فقد غابت وانعدمت تمامًا أعمال البلطجة أو السباق على نهب الأراضي أو جبايات الضرائب من قبل ضباط اللواء، وكانت المهمة الأساسية التي ينفذها اللواء 35 مدرع عند خطوط التماس مع ميليشيات الحوثي في جبهات ريف تعز الجنوبي، هناك كان يسطر الملاحم البطولية مواجهًا بقايا الإمامية، تارة في موقع الدفاع، وتارة في موقع الهجوم، وعندما يكون في الموقع الأخير، لا يتقدم ويتراجع كما يحدث مثلًا في الجبهة الغربية حيث مسرح عمليات اللواء 17 مشاه، إنما يتقدم دون أي تراجع حتى قيد نملة.

قاتل علي النقيب، بإرادة الوطني المخلص، فكان الانتصار رفيقه دومًا، لكن تعز أصبحت مؤخرًا لا تتسع لمثله، وهذا متوقع، فهي في الأساس لم تتسع لعملاقها العميد عدنان الحمادي، وبعده، لرجال ورفاق الأخير، ابتداءً بوليد الذبحاني، إلى الجبزي، مرورًا بالشدادي، وصولًا إلى النقيب.

جميعهم، أي رفاق عدنان، دفعوا -وما يزالون- الثمن. اُغتيل نجل الذبحاني، وقُتل ومُثّل بجثة نجل الجبزي، واُقتحم منزل الشدادي البسيط، وجرى نهبه، عندما سارع اللصوص من قوى الظلام الدينية مدفوعين بنشوة النصر إلى اقتحامه معتقدين أنهم سيحصلون على مخازن بداخله، ولكن لم يجدوا سوى كيس دقيق أوشك على الانتهاء، وكيلو بطاط، وقليل مما تبقى من قطمة سكر، وذاك هي البساطة، أعنى بساطة الكبار، الذين تشهد لهم هذه بالنزاهة وعدم الاكتراث سوى بالقضايا الوطنية لا بالأراضي أو بالأسلحة وما شابه ذلك. وكذلك، النقيب، جرى وما يزال مضايقته بمختلف الأشكال، وهذه كانت مهمة العميد عبدالرحمن الشمساني، الذي يؤكد للجميع في كل لحظة كم هو صغير، جبان.

زادت المضايقات، فقال لهم النقيب وداعًا، هل تريدون بشرية اللواء، خذوها، وغادر. لم يبحث هو في الأساس عن مناصب، لأن ذلك ليس هدفه، هو رفيق عدنان، ولا يمكن أن يكون رفيق لعدنان يبحث عن مصلحة شخصية، بل ويرى البحث عن ذلك، نوعًا من أنواع الرخص، وربما أردى الأنواع. والشجعان الكبار لا يبحثون عن هذه الأنواع.

في الأخير لا يخسر هؤلاء فيما يتعرضون له، بل تخسر تعز بفقدان كبار بحجمهم في الوقت الذي يرعى فيه اللصوص الذين قذفت بهم المرحلة إلى مناصب هم أصغر من أن يقودها كخالد فاضل، والشمساني، والمجيدي، والقائمة تطول، يرعون هؤلاء الفوضى، وجولات السباق على نهب الأراضي والايرادات، وجبايات التهريب إلى ميليشيات الحوثي الانقلابية، وحتى مقاسمة الجندي راتبه الذي هو قوته وقوت أسرته.

درب النضال طويل، ومليء بالألغام، وهذا باعتقادي يدركه رفاق عدنان، ولذا يواصلون درب الكفاح الوطني، وهم بهذا يحجزون لهم مرتبة متقدمة في التاريخ اليمني، إلى جانب كبار المناضلين، أما الصغار الشقات مع ميليشيات الحوثي فلا يحجزون لهم سوى مرتبة متقدمة في مزبلة التاريخ، كخونة متعاونين مع ميليشيات الحوثي الانقلابية التي انقلبت على الدولة، وتحاصر مدينة تعز منذ خمس سنوات، وقتلت وجرحت الآلاف من المدنيين، وشردت عشرات الآلاف.