مقالات


الأحد - 15 نوفمبر 2020 - الساعة 08:15 م

الكاتب: علي هيثم الغريب - ارشيف الكاتب



نحن في الجنوب.. لماذا لا نستطيع أن نحكم إلا بالصراع والسلاح، ونحن من أنقى الناس صدقاً ووداً ووفاءً؟! قتلنا بعضنا البعض جهلًا وظلمًا، وتحت شعارات وطنية، وقتلنا الأبرياء من أبناء الشمال على أرضنا انتقامًا من عفاش ومليشيات الحوثي، وهم مواطنون عاديون، مع أننا نقاتل مع إخواننا الشماليين في مناطق "الحزام الوسط" حتى ميناء الحديدة؟! بل ونشارك المملكة في حرب الحوثي على حدودها؟! كيف ونحن نمتلك هذه الروح العظيمة لا نستطيع ان نقبل تبايناتنا واختلافاتنا التي نحولها إلى خصومات ومذابح؟!

كيف أقاتل مليشيات الحوثي إلى جانب اخواننا من ابناء الحديدة وتعز والبيضاء ومأرب وغيرها ثم اعود إلى الجنوب لأقصي اخواني بالقوة والعنف؟! لماذا اقتنعنا بالعمل والبناء خارج وطننا ولم نقتنع ببناء ارضنا الجنوبية؟!؟! لماذا نجح آباؤنا وأجدادنا بتجارتهم واستثماراتهم خارج وطنهم ولم ينجحوا داخل وطنهم؟! وما زالوا حتى الآن يبحثون عن بلد يعيشون وتجارتهم فيه، تخيلوا معي لو احتضنت قيادات الجنوب اخوانها الذين عاشوا في صنعاء بعد 20 عاما من الصراعات (1966-1990)، هل سينتصر عفاش في حربه ضد الجنوب عام 1994؟، مستحيل!!، لو سرنا مع مقولة الرئيس هادي بعد انتصارنا على الحوثعفاشية في 7/7/2015"خذوا ارضكم وابنوها" هل كنا اليوم نتقاتل في قرن الكلاسي والشيخ سالم؟!

هذا ببساطة لأنه تم تغييب العقل وتغييب ثقافة التعايش وثقافة الرأي والرأي الآخر، وتم إخضاع العقل الجنوبي لمقولات ثابتة ومسلمات خادعة وشعارات براقة منزوعة من سياقها العقلاني... قسمنا أنفسنا بين الشعارات فدفعنا الثمن غاليا.. واليوم هناك من يريد ان نقسم الجنوب بين"الجمل البراقة" والمزايدات والمطاردات كما كان يحصل في الماضي؟! فقط اختلفت المسميات؟!.. لماذا نظل ورقة يلعب بها الجهل والتخلف..؟!!! لماذا تنطلي علينا الأكاذيب بسرعة البرق؟! هناك من يريد ان يثبت للإقليم والعالم اننا لا نستطيع ان نقود وطننا؟! فهل نقدر وبشجاعة نقول كفى صراعًا؟! هل نستطيع كما قلنا لعفاش والحوثي لا لغزو الجنوب قادرين ان نقول لا للصراع بين الجنوبيين؟!!! هل نستطيع ان نعيش بدون رصاص ولا "جعبة عسكرية" كما يعيش جيراننا؟!! هل نستطيع ان ننزع السلاح من فوق اكتاف أبنائنا ونسلمهم كتابا وقلما وحقيبة بدلاً من الرصاص والقذائف؟!

وعليك عزيزي المواطن/ة استذكار نبذة عابرة عن كل جولة في الجنوب منذ 13 يناير العام 1966م وحتى الان، وكيف انتهت؟! وكيف ندمنا بعد كل جولة وحادثة؟! وكيف فقدنا فيها اشرف وانظف رجالنا وشبابنا وكوادرنا؟!، سواءً الذين انهزموا في تلك المراحل أو الذين انتصروا (الحمل الكاذب وانتفاخ البطن)، ندمنا لاننا فقدنا فيها كوادر كبيرة وكفاءات وطنية؟! واليوم تلاحظ عزيزي الجنوبي/ة كيف أن العقل السياسي الجنوبي بني سياسياً بناءً خاطئاً، وقد تصرف بردات فعل عصبية لا تخلو من عنترية جوفاء وشعارات براقة وخطب عصماء!... فلماذا لا نستطيع الاحتفاظ بانتصاراتنا بل وتطويرها؟! لماذا نحول الانتصارات إلى هزائم، كما حصل بعد 1967 و2015؟! نحن ناضلنا ضد عفاش سلمياً؟!! واليوم هناك من يريدنا ان نناضل ضد اخواننا الجنوبيين بالعنف؟!!! وتحت مبررات همجية وبالية؟!!!

نحن هنا لا ننتقد الماضي بمآسيه وجولاته وإيجابياته ولا ننتقد الافراد، لان أغلبية قيادات تلك المرحلة كانوا يعيشون تحت فكر صراع الأضداد وفقدناهم؟! فقدنا رجالاً كانوا ابرياء بل واكثر تضحية مننا!!!؟؟؟ واليوم قل أن تجتمع في السياسة الوطنية الجنوبية العطاء الاخلاقي وثبات المواقف الرفيعة. ليس لشح في الضمائر الحية ولكن لتقلب أمزجة ومصالح الافراد وضعفهم التي تخضع احياناً لسياسات عفى عنها الزمن واحياناً اخرى لقلة ثقافة التعايش؟!

أما نحن في الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية، فتاريخنا معروف، فعندما اجتاح عفاش الجنوب واجهناه بقوة الحراك السلمي؟! وعندما بدأنا الحراك احكمنا قوته بالتسامح والتصالح؟! وعندما جاء الرئيس هادي إلى عدن احتضناه كما احتضنته عدن، وقف معنا ووقفنا معه مستوعبين الواقع الجديد الذي كنا جميعاً شركاء في صنعه، وهذا هو خطنا الذي لا نحيد عنه.. وكما رسمناه سنسير عليه..