الإثنين - 23 أغسطس 2021 - الساعة 03:56 م
بعد معاناة طويلة مع المرض رحل عنا اليوم أحد الهامات الوطنية اليمنية ممن سجلوا حضورا طيبا في الحياة السياسية والإنسانية منذ وقت مبكر من عمر الثورة اليمنية.
إنه الشخصية الوطنية السياسية والاقتصادية والبرلمانية وقبل هذا وبعده الإنسانية الدكتور عبد الوهاب محمود عبد الحميد النائب السابق لرئيس مجلس النواب اليمني والأمين العام القطري السابق لحزب البعث العربي الاشتراكي في اليمن.
طوال حياته السياسية كان الدكتور عبد الوهاب محمود قيمة وطنية رفيعة سواء بإيمانه بقضية الثورة والوطن والتقدم الإنساني وحقوق المواطنة، أو بمهاراته الإدارية والفنية والاقتصادية وكفاءته القيادية أو بعلاقته الإنسانية التي صبغت كل حياته بالتواضع والصدق والأمانة والزهد في المظاهر والاستعراضات السياسية.
منذ انتخابي عضوا في مجلس النواب في العام 2003م وهي فترة علاقتي بالفقيد لم أسمع من د. عبد الوهاب أو عنه ما يسيئ إلى موقعه واسمه ومكانته السياسية والوطنية وقد اتصف الرجل بالاستقامة والتوازن السياسي وكان الاختلاف معه فرصة لتعلم فن الاختلاف وإدارته والاحتفاظ بالعلاقات الانسانية التي لم يكن قط يخضعها للعواطف أو حتى للاختلافات والتباينات في المواقف.
سافرت مع الدكتور عبد الوهاب في عدة رحلات للمشاركة في مؤتمرات الاتحاد البرلماني الدولي وفي كل سفرة كان يمكن تعلم الجديد والجديد من هذا الرجل المتميز، وكانت أطول رحلة لنا معا بصحبة الزملاء أعضاء الوفد البرلماني هي تلك التي شاركنا فيها في الدورة السادسة والثلاثين للاتحاد في مانيلا عاصمة الفلبين التي بقينا فيها قرابة أسبوع سافرنا بعدها في زيارة برلمانية إلى اليابان وأخرى إلى ماليزيا.
وقد تشاركنا معاً الهم السياسي والوطني مثلما تقاسمنا السراء والضراء في جميع السفرات إلى كل من كينيا وإندونيسيا كما في كل عملنا البرلماني المشترك، وفي كل مرة كنت تكتشف مكامن البعد الإنساني في شخصية هذا الرجل البديع.
ترك الدكتور عبد الوهاب موقعه في عضوية هيئة رئاسة مجلس النواب وكان بإمكانه تولي الرئاسة نفسها بكفاءة وقدرة عاليتين لولا بعض الاعتبارات التي لا علاقة لها بمعايير الوطنية والخبرة والكفاءة والنزاهة والمؤهل العلمي والمهني، كما ترك رئاسة الحزب بصمت وهدوء وانتقل إلى خارج البلد حينما اندلعت معارك المزايدات السياسية والتسابق على تسجيل المواقف والعبث بثورة الشباب السلمية وتطلعاتهم الوطنية المشروعة.
في السنوات الأخيرة تعرض د. عبد الوهاب لمرض قاهر في العضلات والمفاصل أقعده من الحركة وأخذ جزءًا كبيراً من قدراته الجسدية، وقال لي نجله الدكتور رامي حينما حاولت الاتصال به منذ نحو سنتين إن حالة والده هي حالة نادرة لا تصيب أكثر من 1 من بين ستمائة ألف وظل الفقيد يتلقى علاجه كل ستة أشهر في أحد المستشفيات الألمانية مع استمرار إقامته في العاصمة الأردنية عمان بعد أن صارت صنعاء أرضاً طاردة للحياة بكلها حتى يوم وفاته عليه رحمة الله.
بغياب الدكتور عبد الوهاب محمود خسرت الحياة السياسية اليمنية واحدة من الشخصيات الوطنية المتوازنة والمؤثرة ذات العلاقات الواسعة.
إنني بهذا المصاب الأليم أتقدم بصادق مشاعر العزاء والمواساة إلى ابنه رامي وإخوانه وأخواته وجميع أفراد أسرته وإلى كافة آل محمود أينما وجدوا وإلى جميع أصدقاء ورفاق الفقيد وإلى الزملاء في قيادة وقواعد حزب البعث العربي الاشتراكي فرع اليمن، مبتهلاً إلى الله أن يتغمد فقيدنا بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
▪صفحة الكاتب على الفيس بوك