مقالات


السبت - 11 سبتمبر 2021 - الساعة 06:05 م

الكاتب: أمين اليافعي - ارشيف الكاتب




الذين يتسترون على جرائم مروعة أو يحاولون التقليل/ اختلاق مبررات عرجاء لها، بينما يبالغون في ردة فعلهم عندما يقترف خصومهم جرائم على ذات المستوى، هؤلاء يؤسسون لثقافة التوحش ويفسحون لها المجال لكي تُهيمن، وسيكونون هم أول المتضررين.

عندما يُحاول نشطاء الانتقالي ومناصروه المقايضة في جرائم تُرتكب في المناطق التي يسيطرون عليها، فهم يساهمون في شرعنة القتل والبلطجة والتقطع، وفي المستقبل سيكونون هم أكثر من يكتوي منها، لأن ذلك هو ما سيسود في مناطقهم.

كذلك النشطاء الذي يتجاهلون أو يصمتون عن جرائم مروعة في مناطق الشرعية (تعز، شبوة، حضرموت ومأرب) أو مناطق الحوثي، سيكونون هم أول من يكتوي بعواقب هذا السكوت وهذا التجاهل.

قد تحدث جرائم مروعة في أي مجتمع في العالم، مهما كان مدنياً ومحمياً بالنظام والقانون، وستبقى هذه الجرائم في حدودها الفردية طالما كانت ردة الفعل الاجتماعية، وردة الفعل القانونية، سريعة، صارمة، حاسمة، غير متهاونة، ولا يمكن أن تساوم أبدا حتى تأخذ العدالة مجراها.

لكن السماح لمثل هذا الجرائم بالتكرار، عن طريقة شرعنتها بالتقليل من شأنها / تبريرها / مقايضتها بجرائم أخرى، ستتحول سريعاً إلى سلوك طبيعي، بما يعني أن ثقافة التوحش والاستئساد ستكون هي الثقافة الكلية المهيمنة وصاحبة كلمة الفصل.

في الفترة بين 2012 - 2014، كان الأمن في مناطق الجنوب يقتل الشباب المتظاهرين سلمياً بدمٍ بارد، وبإصابات مباشرة قاتلة في منطقة الرأس، وكم شاهدناه -بأم أعيننا- شباباً في عمر الزهور يسقطون قتلى من رصاص الأمن الغادرة. حذرنا مبكراً، من هكذا مآلات، لكن لأنه قد تم تصنيفنا كانفصاليين مارقين، لم يلتفت أحد لكلامنا وتحذيراتنا.

هذه فقرة ختمت بها مقالا كتبته في مطلع العام 2014 بعد قتل الأمن لشاب لم يتجاوز عمره الرابعة عشر على أكثر تقدير، وبطريقة وحشية جدا، وكان ذلك قبل دخول الحوثي صنعاء والسيطرة على البلاد بأشهر كثيرة (رابط المقال في أول تعليق) :
(يتكرر السلوك، فيصبحُ ثقافةً وأعرافاً، والأعراف تتناظر وتتناجى وتتماهى. لم يتعظ بعد الجالس على كرسي "البلطجة" في صنعاء من دروسٍ كثيرةٍ، ودروسٍ من عُقر داره، فالقانون الحاد "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"، ليس في صالح أي طرفٍ، وأقولها بكل قناعة، لا خوفاً ولا ضعفاً ولا ادعاء الوعظ، أن يتحول هذا القانون إلى صياغةٍ في أرض الواقع، فليس في صالح أحد على الإطلاق. لعل البعض - الحوثي - بات، في الآونة الأخيرة، يكثر من الحديث عن "القضية الجنوبيّة" و"حق الجنوبيين"، وكأنني ألمح أمراً خفيّا من وراء هذه الإشارات الماكرة، لكأنه يقول: "لطالما وأنتم تفعلون بالجنوبيين ما تفعلون، فأنتم تستحقون ما حل وسيحل بكم، وبكل جدارةٍ.. بكل جدارةٍ"! وبهكذا تجني براقش دائماً على نفسها! فهل ستفهم براقش قبل فوات الأوان؟).
وهي مناسبة أوجه من خلالها رسالة إلى الجالس على كرسي البلطجة في عدن، لعله يتعظ قليلا قبل فوات الأوان!