نافذة على السياسة

الأربعاء - 22 يوليو 2020 - الساعة 06:13 م بتوقيت اليمن ،،،

تعز/ مدى برس/ خاص:


بين الحين والآخر تتجدد الاشتباكات المسلحة بين مشايخ تعز الجدد، الشيخ غزوان المخلافي والشيخ غدر الشرعبي، في سيناريو معد له يفضح حقيقة وجود صراعات خفية بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين في تعز، والذين يمثلون سلطة الأمر الواقع في المحافظة.

فقد تجددت هذه الاشتباكات، صباح الاثنين، خلال تعرض المدعو غدر الشرعبي لكمين مسلح نصبه له مسلحون تابعون للمدعو غزوان المخلافي، ما تسبب باندلاع اشتباكات عنيفة أسفرت عن إصابة 3 من المدنيين على الأقل، وعدد من المسلحين واحتراق عدد من السيارات وخسائر في الممتلكات العامة.

جولات الصراع المسلح المتجددة بين الحين والآخر بين عصابات غزوان وغدر، وهم شيوخ تعز الجدد والذين ولدوا كنتاج لدويلة الإخوان، تكشف جولات الصراع هذه عن خفايا صراع نفوذ بين القيادات العليا للجماعة، والتي يقوم كل طرف فيها بدعم عصابة محددة لإدارة صراعاته سواء مع أطراف خارج الجماعة، أو لإدارة الصراعات البينية داخل الجماعة نفسها والتي تأخذ أشكالا مختلفة ذات طابع مناطقي أو أيديولوجي، لكنه بالمجمل صراع على النفوذ الذي تعتبره هذه القيادات استحقاقاً خاصاً بها.

منذ بدء الحرب في تعز عمل حزب الإصلاح الإخواني على إنشاء ودعم ميليشيا مسلحة لتحقيق أهداف الحزب بالسيطرة والاستحواذ، حيث بدأ الحزب بدعم عدد من المجاميع المسلحة تحت مسميات مختلفة كالصعاليك وحسم ولواء الطلاب... وغيرها، وكانت هذه الميليشيات المتعددة تحت قيادة علنية واحدة تتمثل بالشيخ حمود سعيد المخلافي، وقيادة سرية واحدة لم تكن معروفة حينها تتمثل بالمرشد والحاكم العسكري لتعز عبده فرحان المعروف بــ(سالم).

في المرحلة الأولى للحرب وتحديداً في 2015 و2016 نجح حزب الإصلاح الإخواني باستخدام ميليشياته المسلحة في تحقيق عدد من الأهداف المتمثلة بالاستحواذ على الأموال الطائلة وكميات السلاح الهائلة المقدمة من التحالف العربي، حيث قام الإصلاح بتخزين كميات ضخمة من السلاح في مخازن خاصة تابعة للحزب أبرزها المخازن المتواجدة في مكتب التربية والمعهد التقني والمعهد الوطني وفي مناطق المسبح والروضة، كما نجح حزب الإصلاح الإخواني عبر ميليشياته المسلحة السيطرة على ألوية الجيش التابعة للمحور وعلى الجهاز الأمني في المحافظة عبر ما تسمى بعملية دمج المقاومة في الجيش، والتي أسفرت عن محور عسكري تابع تماماً لحزب الإصلاح وبقوام 45 ألف فرد.

إثر ذلك توجه حزب الإصلاح الإخواني إلى المرحلة الثانية من مخططه والمتمثل بالقضاء على الخصوم السياسيين وتحديداً التيار السلفي الذين كان له الدور الأبرز في تحرير المناطق التي تم تحريرها من الانقلابيين، حيث قام حزب الإصلاح بإنشاء عصابات مسلحة من أفراد محور تعز تم دعمها بالمال والسلاح، وأوكل الحزب إليها مهمة التخلص من كتائب أبو العباس المحسوبة على التيار السلفي، من خلال الدخول معها بصراع مسلح، وأبرز العصابات التي أنشأها حزب الإصلاح لتنفيذ هذه المهمة هي عصابة غزوان المخلافي المقرب من قائد اللواء 22 ميكا العميد صادق سرحان.

وأمام عجز عصابة غزوان المخلافي بتحقيق المهام الموكلة إليها لجأ حزب الإصلاح إلى إنشاء ميليشيا جديدة لتنفيذ المهمة تحت مسمى ”الحشد الشعبي” وهي الميليشيا التي تم تشكيلها بدعم وإشراف من قيادة محور تعز وبتمويل لا محدود من دولة قطر التي أوكلت تنفيذ المهمة إلى الشيخ حمود سعيد المخلافي والذي يعد أبرز أدواتها في تعز.

بالتوازي مع ذلك وفي ظل حالة الفوضى التي شهدتها المحافظة في ظل سلطة الأمر الواقع، كانت القيادات الإخوانية تقوم بإنشاء عصابات مسلحة تقوم على مبدأ الولاء المناطقي والأيديولوجي لتنفيذ مهام محددة، وأبرز هذه العصابات هي عصابات غدر الشرعبي وصدام المقلوع ووهيب الهوري... وغيرها.

أبرز المهام التي تم إنشاء هذه العصابات لتحقيقها بالإضافة إلى تنفيذ عمليات القتل والنهب كانت مهمة إدارة الصراعات البينية بين قيادات جماعة الإخوان نفسها، ولعل أبرز هذه الصراعات هي الصراع المتجدد بين عصابة غزوان المخلافي المدعومة من العميد صادق سرحان قائد اللواء 22 ميكا، وعصابة غدر الشرعبي المدعومة من عبده فرحان سالم مستشار محور تعز والحاكم العسكري لتعز.

انعكس الصراع المسلح بين عصابات غزوان وغدر في عدد من الجولات التي تتجدد بين فترة وأخرى وأدت لسقوط عدد من القتلى والجرحى، وتأتي لتترجم الصراع على النفوذ بين صادق سرحان وسالم، وهو صراع يبحث فيه كل طرف على السيادة المناطقية بين منطقتي المخلاف التي يمثلها سرحان، ومنطقة شرعب التي يمثلها سالم، حيث تسعى كل منطقة منهما لأن تكون صاحبة الكلمة الأولى في حكم تعز، ولذا فإن الصراع عادة ما يشهد تحشيداً على أساس مناطقي.

كما يأخذ الصراع صورة أخرى تتمثل بمحاولة فرض النفوذ العسكري خاصة أن عصابة غزوان المخلافي يتم دعمها من اللواء 22 ميكا، فيما يتم دعم عصابة غدر المخلافي من قيادة المحور وقيادة اللواء 170 دفاع جوي، فالعميد صادق سرحان يرى أنه الأحق بقيادة محور تعز، كونه الأكبر سناً والأكثر خبرة، كما أنه تلقى وعوداً بتعيينه قائداً للمحور لم يتم الوفاء بها ما جعله يحدد موقفاً من حضور اجتماعات قيادة المحور، فيما يرى مستشار المحور عبده فرحان سالم أنه الحاكم العسكري الفعلي لتعز، وأنه وحده من يملك الحق في التعيينات العسكرية داخل تعز.

كما أن الصراع بين غزوان وغدر، والذي يعكس الصراع بين صادق سرحان وسالم يأتي ليترجم الصراع داخل حزب الإصلاح الإخواني والذي يمثل سلطة الأمر الواقع بتعز، ففي حين يرى العميد صادق سرحان أنه ينتمي لأسرة مشيخ عريقة ويمثل التيار القبلي داخل حزب الإصلاح، يرى عبده فرحان سالم أنه يمثل التيار الأيديولوجي داخل تنظيم جماعة الإخوان والذي يجب أن يبقى مسيطراً على القرار داخل الجماعة المتحكمة بالقرار السياسي والعسكري في تعز.

ومع بروز هذه الصراعات داخل قيادة جماعة الإخوان المسلمين في تعز، ثمة صراعات أخرى لا تزال خفية ولم تظهر للسطح بعد، وأهمها الصراع بين المرشد العام للجماعة والمعين رسمياً، وهو رشيد حمود شمسان القدسي، وبين المرشد السابق والذي يمثل مرشد الأمر الواقع عبده فرحان سالم، حيث يرى الأخير أن قرار الجماعة يجب أن يظل في شرعب والمخلاف ولا يجب أن يذهب إلى أبناء الحجرية، خاصة في ظل الاستهداف الممنهج من قبل الجماعة والهادف للسيطرة على مناطق الحجرية وإخضاعها، وهذا الأمر يفسره حالة الإقصاء الممنهج الذي يمارسه الإخوان ضد قياداتهم المنتمية لمناطق صبر والحجرية.