تفاصيل

الإثنين - 16 ديسمبر 2019 - الساعة 09:05 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى برس/ المحرر الثقافي:


لا يزال مسلسل إهدار الإرث التاريخي والعبث به في اليمن يتوالى، حيث ضبطت نقطة أمنية بمحافظة لحج، الأحد 15 ديسمبر/كانون الأول 2019م، أكثر من ستين "جنبية" وسيوفاً أثرية تم تهريبها من المتحف الوطني بعدن.

وكانت المضبوطات مُخبّأة بشكل محكم في إحدى حافلات المسافرين.

ونشطت، الفترة الأخيرة، عملية تهريب الآثار والمُتاجَرة بها في كل محافظات الجمهورية.

ونشرت صحيفة "القدس العربي" تقريراً مطولاً تطرق فيه لما تتعرض لهه الآثار اليمنية من مخاطر، وفي المقدمة منها تكالب لصوص الآثار على نبش المواقع، ونهب المخازن وسرقة الكثير من الآثار النفيسة.

ففي الوقت الذي أودت الحرب بعددٍ من المواقع والمتاحف، وأتلفت آلاف القطع الأثرية، كما حصل لمتحف ذمار (وسط) ومتحف تعز (جنوب غرب)، لم تتوقف أعمال اللصوص عن نبش ونهب وسرقة وتهريب الكثير من المقتنيات الأثرية؛ وهو ما يمثِّل كارثة حقيقية في ظل اتساع رقعة التهريب، وتجاهُل جميع السُلطات لمسؤولياتها الوطنية؛ وهو ما نقرأه في ما يتم تداوله من الآثار اليمنية في الأسواق الأوروبية والأمريكية مؤخراً.

وتقول الصحيفة "إن مخزون ما تبقى من المتاحف (23 متحفاً تتبع وزارة الثقافة) التي لم تطلها الحرب بشكل مباشر، بات معرضًا بشكل غير مباشر للتلف لعدم توفر إمكانات الحفظ والعناية اللازمة، وليس ببعيد ما تداولته وسائل الإعلام في الفترة الماضية عما تتعرض له المومياوات في متحف قسم الآثار في جامعة صنعاء، ومخزن المتحف الوطني في صنعاء، وقبل ذلك وبعده، ما تزال هذه المتاحف مهددة بالسرقة في ظل وضع اللادولة، لاسيما وقد تمت سرقة بعضها قبل الحرب، كمتحف قصر السلطان القعيطي في المكلا (شرق) ومتحف عدن الوطني (جنوب) عام 2013، وقبل ذلك نهب متحف زنجبار في أبين، ومخزن الحوطة في لحج (جنوب) خلال مواجهات الجيش الحكومي مع مسلحي جماعة تنظيم «القاعدة» عام 2012.

إلى ذلك تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، منشوراً عن تعرُّض مخزن للآثار في مأرب (شرق) لسرقة من المسؤولين على حراسته.

ووفق ما أورده أحد الناشطين على «فيسبوك» من أبناء مأرب، أكد سرقة المخزن بكل ما فيه.

وقال "إنه كان يضم عشرين ألف قطعة". رغم نفي فرع الهيئة العامة للآثار في مأرب وقوع هذه السرقة. وما زال الموضوع غامضاً حتى يتم التحقيق الجاد لكشف مصير آلاف القطع الأثرية هناك.

ويقول الباحث المُتخصص في الآثار عبد الله محسن، إنّ محافظة عمران ومديريتي سنحان وخولان تعرضت خلال الفترة الماضية أيضاً لعمليات نبش (حفر) عشوائية للمواقع الأثرية، وتملكت الكثير من الشخصيات النافذة في تلك المديريات الكثير من الآثار.

ويؤكد عبد الله محسن، وفق ما ينشره على صفحته في الفيسبوك وتصريحاته الصحفية، أنّ الموقع الذي تم اكتشافه، ولم يُفصَح عنه رسميًا، يحتوي على عدد كبير من المومياوات وآثار ومصوغات ذهبية يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد.

وبسب اهتمامه بالآثار اليمنية ومتابعة ما حل بها من عبث ومُتاجَرة على مستوى الداخل والخارج تعرّض محسن لعدد من التهديدات حيث يقول: تلقيت العديد من التهديدات سابقًا ومنع من النشر، وسبق وذكرت هذا بصفحتي في الفيس بوك، وقد تتزايد هذه التهديدات.

ويوضح خبير الآثار لـ وكالة الصحافة الإنسانية (انسم): ”أبلغني الأخ (ع. غ) والأخ الأثري (ا. ح) أن السلطة المحلية في المحافظة –عمران– على علم بالاكتشاف وأنها أحاطت الموضوع بسرية تامة، وأتمنى أن تبادر إلى إبلاغ هيئة الآثار والمتاحف لاتخاذ الإجراءات القانونية والفنية اللازمة قبل فوات الأوان”.

وبعد قرابة أربعة أشهر من تصريحات محسن لـ أنسم وكشفه للموقع رغم التكتم الشديد، ظهر وزير الثقافة بحكومة صنعاء -غير المعترَف بها دولياً– التي يسيطر عليها الحوثيون، في (19 أغسطس الماضي) يُعلن رسميًا عن اكتشاف مواقع أثرية في محيط العاصمة صنعاء بمنطقة شملان، تحتوي مومياوات وآثاراً قيمة، يقدَّر عمرها بأكثر من 3 آلاف عام.

في التعليقات على محسن بالفيس بوك يقول محمد أحمد المجاهد، إنه في قرية خراب المنجدة قريب من منطقة جوب في مديرية خارف، وخراب ناعط، ”ذهبٌ كثير وجنيهات بالملايين ولا أحد اعترضهم”.

ويتابع المجاهد ”أنا كنت ممن حضر الحفر، كان يُشترى الجنيه بألف دولار”.

وليس ببعيد ما تتعرض له مدينة صنعاء القديمة، وهي مسجلة في قائمة التراث العالمي الإنساني، من تزايد في مخالفات البناء وتشويه النمط المعماري؛ وهو ما دفع بالمنظمة الدولية وضع المدينة في قائمة التراث العالمي المهدَّد بالخطر.

وتوجد أربعة مواقع يمنية مسجلة في قائمة منظمة «اليونسكو» للتراث الإنساني والطبيعي العالمي، هي: (مدينة صنعاء، مدينة زبيد، مدينة شبام حضرموت، وجزيرة سقطرى)، والمدن الثلاث تم وضعها، للأسف، في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في ظل ما تعرضت له قبل وخلال الحرب من مخالفات تهدد نسيج تراثها المعماري.

وصدرت بيانات من منظمات دولية على مدى الحرب تطالب أطراف الصراع بحماية التراث الثقافي، وتجنيب المواقع التاريخية والثقافية أي عمليات عسكرية.

لم تعد الحال تقتصر على نبش ونهب وسرقة وتهريب الآثار، بل يمتد إلى وجود متاجر يمنية لبيع الآثار.

وفي هذا الصدد يقول أحمد سلام كبتا، وهو باحث في شؤون التراث لـ«القدس العربي»، إن تجار الآثار في اليمن صاروا يعرضون القطع الأثرية والمخطوطات في أسواق مفتوحة على شبكة الإنترنت على مرأى ومسمع من الجميع، كما صارت هنا وهناك دكاكين في بعض المناطق تبيع الآثار والمخطوطات، مؤكداً أن الآثار اليمنية تعيش مرحلة غير مسبوقة في نهبها وبيعها وتهريبها والتهاون في حمايتها من جميع السلطات وجميع المناطق بلا استثناء.

ونتيجة لذلك زادت، في السنوات الأخيرة، تجارة الآثار اليمنية في عددٍ من الأسواق العالمية، خاصة الأسواق الأمريكية، وهو ما دفع وزارة الثقافة في الحكومة الشرعية، إلى مخاطبة الحكومة الأمريكية مطالبة بإصدار تنويه بمنع الاتجار بالآثار اليمنية في أسواق الولايات المتحدة.

وسبق أن طالبت صحف أمريكية كـ«واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» وزارتي الخارجية والخزانة استخدام سلطتيهما في إغلاق سوق الفن الأمريكية في وجه المقتنيات الأثرية اليمنية.

وكان باحث أمريكي كشف أن أكثر من مليون قطعة آثار يمنية، تم تهريبها من البلاد، مؤكداً تورُّط باحثين ومستشرقين ودبلوماسيين بعمليات التهريب.

وأكد الباحث الأمريكي المتخصص اليكسندر ناجيل، أنّ معظم المستشرقين الذين زاروا اليمن منذ مدة طويلة وخصوصًا من أمريكا كانوا يقومون بأعمال دراسات وتنقيب، لكنهم “كاذبون، فهم تجار آثار”.

وأضاف الباحث الأركيولوجي الأمريكي من مؤسسة سميثسونيان متحف التاريخ الطبيعي في أمريكا، خلال ورشة مكافحة الاتجار غير المشروع بالموروث الثقافي التي عقدتها منظمة اليونسكو في جيبوتي، إنه تم تهريب أكثر من مليون قطعة آثار يمنية، وإن من زاروا اليمن من المستشرقين وعلماء الآثار لديهم متاحف من الآثار اليمنية التي تقدَّر بملايين الدولارات.