مدى الثقافي/ ثابت القوطاري *
قصتي مع التصوف حديثة، وليست بذلك العمق أو الاتساع الذي قد يجعل مني متصوفا، لكني لا أخفي أعجابي به.
كانت انطلاقتي مع التصوف قد بدأت مع مسلسل ابن عربي، ومسلسل الحلاج، والذي عرض على شاشة التلفاز، هذه المسلسلات جعلتي أسارع في اقتناء الموسوعة الصوفية، وديوان البرعي، وذكر مقتل الحلاج، والشهود العيني في مباحث الوجود الذهني، ورواية قواعد العشق الأربعون، والصوفية نشأتها وتاريخها؛ وهي كتب سأتحدث عنها لاحقا، فلكل كتاب منها قصة وحكاية.
وخلال رحلة جمع هذه المصنفات تذكرت أيام الدراسة الجامعية، تحديدا في يوليو 2011م حين أعطاني أستاذي الدكتور حمود القيري _رحمة الله عليه_ كتابين: الأول، ابن عربي حياته ومذهبه؛ تأليف أسين بلاثيوس. والثاني، التراث الروحي للتصوف الإسلامي في مصر؛ تأليف محمد خفاجي. وكنت قد قرأت هذين الكتابين في حينها، وتناقشت مع أستاذي في بعض الجزئيات والموضوعات.
وبين هذه المصنفات، كانت الموسيقى الصوفية حاضرة؛ عربية، وفارسية، وتركية، وإذربيجانية، وموشحات الحلاج وابن الرومي تختصر كثيراً من الليالي قبل النوم.
ومن محاسن الصدف أن تلميذي النجيب علاء الحمادي، كان قد لفت انتباهي خلال حديثنا عن التصوف إلى رواية (موت صغير) والتي لم أكن قد قرأتها بعد، وما إن عرفت أنها رواية تحكي سيرة ابن عربي حتى سارعت باقتنائها وقراءتها، لكن للأسف لم أتمكن من قراءتها بنسخة pdf، ولم أتمكن أيضا من قراءتها بطبعة محلية، وهذه مشكلة نفسية أعاني منها حتى اللحظة، فأنا لا أستطيع القراءة في كتاب ما لم يكن بطبعة أصلية، وصادر عن دار نشر معتبرة، وهنا تبدأ محنة ترقب ورصد الأصدقاء المسافرين إلى بيروت وعمان والقاهرة، فكان الصديق محمد نجيب هو الأمل الوحيد الذي أمامي، بعد أن علمت بسفره إلى القاهرة في أكتوبر 2019م، وبعد رسالة قصيرة تواصل معي من القاهرة هاتفيا، طالبا مني تزويده بقائمة الكتب التي أحتاجها، ساعتها غلبتني الفرحة، وغمرني السرور، فنسيت كل ما كنت أحلم به من كتب بطبعتها الأصلية، وتذكرت لحظتها اثنين فقط؛ لا إمام سوى العقل لحبيب سروري، ورواية موت صغير لعلوان.
كان المبلغ المالي إلى حد ما مرتفعا (530 جنيه مصري) أي قرابة (20000 ريال يمني) وقد حاول صديقي محمد مراجعتي في الأمر: المبلغ باهظ بالنسبة لكتابين اثنين فقط، فبإمكانك شراء نسختين محليتين بأقل من نصف المبلغ. لكن إصراري على اقتناء نسخ أصلية جعلني أدفع المبلغ عن طيب خاطر، ورضى نفس، فأنا لم أخسر قط في أي كتاب اشتريته مهما كان ثمنه، فالمال يذهب والكتاب يبقى، ومهما كان ثمن الكتاب فسيبقى الكتاب هو الأغلى والأجدر بالاقتناء.
صنعاء 14 مارس 2021م
*كاتب وروائي