تفاصيل

الأربعاء - 26 فبراير 2020 - الساعة 04:48 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/ خاص / عبدالرحمن دغار:


فيلم يمني بنكهة عدنية، يشبهنا ونشبهه، يمثلنا بكل أوجاعنا وانكساراتنا ونكباتنا وأحزاننا الكبار..

عشرة أيام كانت مزدحمة بالنكبات لمأمون ورشا.. مأمون الذي يمثل نسخة طبق الأصل من واقعنا البائس والمؤلم، الواقع الذي صنعه تجار الحروب وأدواته ودمروا كل الحب والسلام والحياة الكريمة التي كنا نعيشها كيمنيين، الواقع الذي تغتال فيه أحلامنا وطموحاتنا بحياة سعيدة وكريمة، الواقع الذي يقف أمامنا لكي يمنعنا من صنع أفراحنا كما نحلم ونحب، الواقع الذي يركض فيه المستغلون لضعف الناس وحاجاتهم بكل تبجح وحرية وكبرياء ليحطموا أحلام القلوب الحالمة وورود أرواحهم أمثال سليم، ذلك الشخص القذر والمستغل.

لكن رغم ذلك... نثبت دائماً كيمنيين أننا لا نخضع لكل الأوجاع والأحزان والظروف الصعبة والقاسية، لأن فينا أمثال وليد ومشتاق وسمر، أولئك الرفقاء الذين لم يتخلوا أبداً عن أصدقائهم في أحلك الظروف وأقساها..

خالد حمدان (مأمون) وسالي حمادة (رشا).. ثنائي الحب الحقيقي والصمود الذي لم تستطع كل المغريات أن تحطمه أو تضعفه أو تفشل مشروع حبهم الصادق حتى واليأس يصل بهم لآخر النفق كان حبهم المتجذر في الأعماق يضيء لهم الطريق فيتمسكوا ببعض حتى قلد كل منهما الآخر بعقد الفل وأضاءت وجوههم بنور الفرح.

قاسم رشاد (مشتاق) الذي قام بدور رائع يستخدم فيه نقد الواقع بطريقة ساخرة لكنها رائعة جداً وكانت في الصميم، فكل كلماته التي كان يتحدث بها رغم سخريتها الضاحكة إلا أنها كانت تلامس الجروح، لهذا هو أكثر شخصية قام بدور نقد الواقع بطريقة مكثفة لأكثر الممارسات السلبية التي تتم في مجتمعنا.

بكار باشراحيل (وليد)، الأخ الأحب لرشا والصديق الوفي لمأمون، إنسان طافح بالرجولة والشهامة والشجاعة والوفاء والكرم، لم يقبل أن تُباع أخته لشخص طماع وجشع ورخيص مقابل السكن مجاناً في شقة سليم الذي كان يستخدمها للضغط على أبو رشا لكي يبيع له ابنته، تمرد وليد على أسرته ووقف بجانب صديقه وأخته حتى النهاية.

عبير عبدالكريم (سمر)، صديقة رشا الوفية والمخلصة التي كانت دائماً سندها ورفيقتها في كل ظروفها، وكانت هي من تمتص غضبها وتعيدها لعقلها كلما حاولت أن تفقد السيطرة على أعصابها.

سمر ورشا مثال للصديقات الرائعات..
(عمرو جمال) الجندي المجهول، الشاب العدني الرائع صاحب البصمات الكبيرة في الإنتاج والإخراج التلفزيوني الذي يركز دائماً في كل أعماله على نقد الواقع والقضايا المجتمعية الشائكة.

أبدع عمرو جمال في عشرة أيام قبل الزفة، حيث ركز على بعض المعوقات التي تقف أمام أغلب الشباب اليمنيين قبل زفافهم والمشاكل التي تحاصرهم وتقف سداً عائقاً أمام أفراحهم وأهدافهم.

يتميز عمرو جمال في كل أعماله المسرحية والتلفزيونية بأنه يهتم كثيراً بنقد الواقع وقضايا المجتمع ومحاولة طرح الحلول في قالب درامي سواءً أكان ساخراً أو جدياً.

في الأخير لا أدري لمَ تم منع هذا الفيلم من عرضه في تعز من قبل البعض رغم أنه لا يتجاوز العادات ولا الأعراف ولا يمس أي شيء من الأخلاق؟

لكن منتجات دكاكين التطرف الديني هي من تقف بنا في هذا الواقع المثخن بالحروب والدمار والتخلف والجهل والمرض والصراعات.

مثل تلك البضاعة هي من تعيدنا للوراء ألف سنة لنتذيل ركب الأمم والعصر والتكنولوجيا.

هذه البضائع هي من تسمم المجتمع والواقع لأنها منتهية الصلاحية وفاسدة وتنقل سمها للمجتمع بشكل مقرف وبشع.

وأخيراً.. شاهدوا هذا الفيلم الذي يعيش تفاصيله كل يمني وتتكرر أحداثه معنا كل يوم من أيامنا التي نعيشها لكننا نقوى على الحزن والألم والوجع ونبتسم حتى ونحن في قمة الانكسار والهزيمة.